الصديق الأكثر قربًا

للإنسان أصدقاء كثر ، لكنَّ صديقًا فيهم يكاد يكون بلا منازعٍ ، هو الوحيد بينهم الأكثر نبلاً وجمالاً وخلقًا ووفاءً وصدقًا وأقربهم إلى القلب، وأشدهم إلى الروح ملاطفة ومساكنة ، يغنيه عن كل صديق ، في لقائه أو التواصل معه تنجلي كل الهموم ،وتأنس النفس لحديثه في جده وهزله.
وإذا كان للنفوس أوطان ، فإنه بمثابة الوطن الذي يغنيك عن كل الأوطان ، تسعد النفس به في قربه وبعده وتختفي الكلفة والتكلف بحضوره لمزاحه وحتى (محشاته) (وطقطقته) و (قفشاته) المتبادلة أحيانًا ، شعور جميل وسعادة أخوية خاصة.
حيث تتقبلها النفس بصدر رحب ، فقد غاص كلٌ منهما في سريرة الآخر وعرفا أن كلًا منهما لا يضمر إلا كل حب واحترام وأخوة صادقة للآخر، وهذا هو سرُ إقبالنا على صديق دون غيره ، رغم كثرة الأصدقاء وتحليهم بالصفات الجميلة والخصال للحميدة.
ورغم ما يتصفون به من سعة أفق وجمال مشاعر وتعدد مواهب وحسن تعامل ، إنها نفس تبحث عن موطنها ووطنها ، وحين وجدته سكنت فاستأنست به وله معه، وهذا هو الصديق الحقيقي والأصدق لنا دون غيره ، ودون نقص في بقية الأصدقاء. إنها النفوس إذا تعارفت تآلفت.