الخصوصية على الإنترنت.. كيف نحمي خصوصيتنا على منصات التواصل الاجتماعي؟
أ. د. محمد بن سليمان الصبيحي
الخصوصية على الإنترنت.. كيف نحمي خصوصيتنا على منصات التواصل الاجتماعي؟
أصبح استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أمرًا معتادًا وثابتًا في الحياة اليومية لمعظم الفئات العمرية والاجتماعية، يتشارك فيها المستخدمون نشر كل شيء عن أنشطتهم وتحركاتهم بشكل روتيني، والغريب أن دائرة النشر باتت تفاجئنا بجرأتها يومًا بعد يوم ليكشف عدد كبير من المستخدمين المزيد من جوانب حياتهم الخاصة عبر الإنترنت، حيث تشهد المنصات الرقمية في الآونة الأخيرة ارتفاعًا في معدلات مشاركة المحتوى الحساس مع زيادة رغبة الكثيرين في مشاركة تفاصيل شخصية حميمة في ظاهرة تتطلب تحليلًا دقيقًا من جوانب متعددة، منها: الجوانب النفسية والاجتماعية لهذا السلوك غير السوي، وأيضًا من حيث تأثير ذلك على الأمن الرقمي للأفراد والمجتمعات، كل هذا جعل وسائل التواصل الاجتماعي من بين أخطر المنصات التي تطرح تحديات كبيرة فيما يتعلق بالخصوصية أكثر من أي وقت مضى.
هذه الحالة تُـثير تساؤلات أبرزها: إلى أي مدى يستحق ما نشاركه النشر؟ وهل ندرك أن كل ما ننشره يترك أثرًا دائمًا على الإنترنت؟ وهل ندرك حقًا عواقب نشر معلومات شخصية حساسة؟ وبالتالي كيف يمكننا حماية خصوصيتنا على هذه المنصات؟
يأخذ انتهاك الخصوصية مظاهر وأشكالًا متعددة قد تبدأ بانتهاك المستخدم لخصوصيته ذاته؛ حيث يجعل من تفاصيل حياته مشاعًا للغرباء، أو من خلال المشاركات العفوية للأطفال وأفراد الأسرة بهدف زيادة عدد المشاهدات، أو من خلال الاستخدامات السلبية لبيانات العملاء من قبل محتالين؛ بهدف الابتزاز والتحريض على الجريمة بمختلف أشكالها؛ إضافة إلى تجاهل قواعد الأمان الرقمي.
حماية المعلومات الشخصية قضية في غاية الأهمية لا يجب التغاضي عنها أو التغافل عن تداعياتها التي ربما أفضت إلى خلل جوهري في نسيج المجتمع، وهو ما يتطلب التفكير مليًا في القواعد التي ينبغي الأخذ بها قبل مشاركة أي معلومات شخصية على وسائل التواصل الاجتماعي.
أعتقد أن معظم المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي لا تنقصهم المعرفة النظرية لقواعد الأمان التي ينبغي الأخذ بها عند مشاركة المحتويات أو حتى في المتابعة والتصفح، إلا أنهم قد يفتقدون الوعي الذي يعني استشعار المسؤولية تجاه ما يعرفون بالتطبيق العملي لتلك القواعد، بل إن البعض لا يعي تلك القواعد إلا بعد أن يقع في الفخ.
بالنظر إلى واقع اليوم نلحظ تزايدًا مستمرًا لقصص الضحايا الذين وقعوا في شباك الاحتيال والاختراق عبر منصات التواصل الاجتماعي، ورغم التحذيرات المتكررة لا يزال الكثيرون يستهينون بخطورة الجرائم الإلكترونية المحتملة، بل ويتجاهلون أبسط قواعد الأمان الرقمي، لذلك فإن حماية الخصوصية على الإنترنت؛ وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي تتطلب مزيجًا من الوعي واتخاذ الخطوات الفعالة للحفاظ على أمان المعلومات الشخصية للحماية من تلك المخاطر.
وفي هذا الاتجاه يمكن التذكير بأهم تلك القواعد الفنية عبر مراجعة إعدادات الخصوصية، واستخدام كلمات مرور قوية، وتفعيل المصادقة الثنائية، وتجنب الروابط المشبوهة والرسائل غير المعروفة التي قد تكون مصدرًا للبرامج الضارة، وعدم تسجيل أرقام البطاقات المرتبطة بالحسابات البنكية الأساسية أو كلمات المرور لتطبيقات غير موثوقة، وتقييد خدمة تحديد الموقع الجغرافي على مواقع التواصل الذي قد يُشكل تهديدًا أمنيًا، وضرورة قراءة وفهم سياسة الخصوصية الخاصة بكل منصة قبل استخدامها للتعرف على ما يظهر للعامة من معلومات، وما تجمعه المنصة نفسها وكيفية استخدامه وإذا ما كان يتم مشاركة المعلومات مع أطراف أخرى، مع تحديث النظام التشغيلي للأجهزة بشكل منتظم لضمان الحصول على أحدث معايير الأمان، والإبلاغ عن أي ابتزاز إلكتروني للجهات المعنية يمنع تصاعد الأزمات وتكرارها مع آخرين.
مع العناية بالقواعد الدلالية المتعلقة بنوع المحتوى وهدفه الذي ننوي مشاركته أو الحسابات التي نتابعها أو نعيد نشر محتواها؛ لأن الأمان بمفهومه الشامل لا يقتصر على الجوانب الفنية فقط؛ بل إن مشاركة المحتويات التي تتعارض مع قيمنا وهويتنا يجعلنا شركاء في انتهاك خصوصية مجتمعنا وقيمه وثقافته، فالحفاظ على خصوصيتنا مسؤولية مشتركة يجب علينا جميعًا أن نُساهم في المحافظة عليها.
• الممثل الإعلامي للمملكة في التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب